إنّ الأهداف الجغرافية العسكرية والسياسية هي التي تحدد أولوية الجيش السوري و"حزب الله" في معركتهما مع الجماعات المسلحة في سوريا، والتي كانت قد اختارت المناطق التي تمركزت فيها بعمق استراتيجي لا يمكن أن تكون محاربتها إلا فيه.
فبعد مرور 4 سنوات على الأزمة السورية بطابعها العسكري، نجد أنّ الجيش السوري و"حزب الله" تمكنا خلال الاشهر القليلة الماضية، من استعادة العديد من المناطق الاستراتيجية على مستوى الامداد العسكري للمسلحين من جهة، وعلى مستوى المساحة الجغرافية والتي كانت تستفيد منها المعارضة على طاولات الحوار السياسية.
فبين المليحة وكسب، معركة يقودها "حزب الله" والجيش السوري، بشكل استثنائي وبالتوازي لما لهاتين المنطقتين من أبعاد على الاصعدة كافة، فمنذ اسبوعين والمليحة هي المنطقة التي تشغل الاعلام وسط توقع ان يتم اعلانها منطقة امنة في اي لحظة، الا ان هذه المنطقة التي تفصل الغوطة الشرقية عن الغربية لا يمكن ان يكون انتهاء العمل فيها بسهولة، بسبب البعد الاقليمي لها.
وقد اكدت مصادر لـ"النشرة" أنّ منطقة المليحة باتت عمليًا آمنة، مشيرة الى ان "ذلك يأتي نتيجة تقدم حزب الله والجيش السوري على المحور الشمالي لها بعد إشتباكات عنيفة مع مسلحي "جيش الإسلام" و"جبهة النصرة" مع تسجيل حالات فرار للمسلحين بإتجاه سقبا وكفربطنا حيث يتم استهدافهم بسلاح المدفعية في بساتين المليحة وزبدين ودير العصافير وحتيتة الجرش وكفربطنا في غوطة دمشق الشرقية مما يؤدّي الى انهيار دفاعاتهم بشكل سريع".
وكشفت المصادر عن "إستسلام عدد كبير من عناصر "جبهة النصرة" على أكثر من محور في المليحة خصوصًا "محور المعامل والبلدية مع إخلاءات لمواقعهم شمال المليحة"، لافتة الى "الجيش السوري وحزب الله كانا قد ضربا عمق المسلحين بتجاوزهما لمبنى البلدية في المليحة وتقدمهما من جديد على محور إدارة الدفاع الجوي ومحور العمادية"، مشيرة الى انه "منذ يوم الجمعة الفائت واصوات الاستغاثات تسمع في تلك المنطقة".
اما في كسب حيث التعتيم على العملية العسكرية، فقد كشفت مصادر خاصة لـ"النشرة"، أن "المدفعية التركية تشارك بشكل مباشر وكبير في استمرارية بقاء المسلحين في المعركة"، في حين أوضحت مصادر ميدانية أن "اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺴﻮﺭﻱ وحزب الله بعد ان سيطرا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ 1017 اﻟﻤﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺪﺓ اﻟﺴﻤﺮا اﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ﻟﻜﺴﺐ، تابعا تقدمهما وسط اشتباكات عنيفة"، مؤكدة في الوقت عينه مقتل ﻗﺎﺋﺪ ﻛﺘﻴﺒﺔ "ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ" ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺬﻳﺐ المعروف "بابي العباس" ﻓﻲ هذه المعارك.
وافادت المصادر بان "الجيش السوري وحزب الله تمكنا من استهداف تجمعاً للمسلحين بعدة ضربات في محيط تشالما، وصدا هجوما "عنيفا" في محيط النقطه 45"، وأضافت بان "قصفًا مدفعيًّا عنيفًا يتركز على معاقل المسلحين في قرية سلمى بريف اللاذقية منذ اليومين الماضيين".
ورغم توسع رقعة المعارك في الداخل السوري وعلى أكثر من جبهة يسعى الجيش النظامي السوري بمؤازرة عناصر "حزب الله" للسيطرة على أكثر المناطق استراتيجية للاستفادة منها على المستوى السياسي، قبل الانتخابات الرئاسيّة التي ستشهدها سوريا، لاسيّما ان المرحلة المقبلة قد تشهد حملة عسكرية على الحدود السورية-الاردنية على غرار ما حصل على الحدود اللبنانية-السورية لتأمين العاصمة دمشق نهائيا، ليتفرّغ الجيش النظامي السوري الى ما يتمّ تسميته بأم المعارك في حلب التي تشهد استنزافا دمويًّا وانهيارات، قد تجعل من من سقوطها نسخة منقّحة عن القلمون، لتكون معركتها بذلك اقل صعوبة مما كانت متوقعة.